الأحد، ديسمبر 02، 2012

أَلا لَيتَ شِعري : زهير ابن ابى سلمى



أَلا لَيتَ شِعري : زهير ابن ابى سلمى :
أَلا لَيتَ شِعري هَل يَرى الناسُ ما أَرى
مِنَ الأَمرِ أَو يَبدو لَهُم ما بَدا لِيا
بَدا  لِيَ  أَنَّ  اللَهَ  حَقٌّ  فَزادَني
إِلى الحَقِّ تَقوى اللَهِ ما كانَ بادِيا
بَدا لِيَ أَنَّ الناسَ تَفنى  نُفوسُهُم
وَأَموالُهُم وَلا  أَرى الدَهرَ فانِيا
وَأَنّي مَتى أَهبِط مِنَ الأَرضِ تَلعَةً
أَجِد  أَثَراً  قَبلي  جَديداً  وَعافِيا
أَراني إِذا ما بِتُّ بِتُّ عَلى هَوىً
وَأَنّي إِذا أَصبَحتُ أَصبَحتُ غادِيا
إِلى  حُفرَةٍ  أُهدى إِلَيها  مُقيمَةٍ
يَحُثُّ  إِلَيها  سائِقٌ  مِن  وَرائِيا
كَأَنّي وَقَد  خَلَّفتُ تِسعينَ  حِجَّةً
خَلَعتُ  بِها  عَن مَنكِبَيَّ  رِدائِيا
بَدا لِيَ أَنّي لَستُ مُدرِكَ ما مَضى
وَلا سابِقاً  شَيئاً  إِذا كانَ  جائِيا
أَراني إِذا  ما شِئتُ  لاقَيتُ  آيَةً
تُذَكِّرُني بَعضَ الَّذي كُنتُ ناسِيا
وَما إِن أَرى نَفسي تَقيها كَريهَتي
وَما إِن تَقي نَفسي  كَرائِمُ  مالِيا
أَلا  لا  أَرى عَلى الحَوادِثِ  باقِيا
وَلا  خالِداً  إِلّا  الجِبالَ  الرَواسِيا
وَإِلّا  السَماءَ  وَالبِلادَ   وَرَبَّنــا
وَأَيّامَنــا   مَعـــدودَةً    وَاللَيالِيا
أَلَم  تَرَ أَنَّ  اللــَهَ  أَهـلَكَ  تُبَّعاً
وَأَهلَكَ  لُقمانَ بنَ عادٍ  وَعادِيا
وَأَهلَكَ ذا القَرنَينِ مِن قَبلِ ما تَرى
وَفِرعَونَ  جَبّاراً طَغى وَالنَجاشِيا
أَلا  لا  أَرى ذا إِمَّةٍ  أَصبَحَت بِهِ
فَتَترُكُهُ  الأَيّامُ  وَهيَ  كَما  هِيا
أَلَم  تَر َ لِلنُعمانِ  كانَ   بِنَجوَةٍ
مِنَ الشَرِّ لَو أَنَّ اِمرَأً كانَ ناجِيا
فَغَيَّرَ عَنهُ مُلكَ عِشرينَ حِجَّةً
مِنَ الدَهرِ يَومٌ واحِدٌ كانَ غاوِيا
فَلَم  أَرَ مَسلوباً  لَهُ  مِثلُ  مُلكِهِ
أَقَلَّ  صَديقاً  باذِلاً  أَو  مُواسِيا
فَأَينَ الَّذينَ كانَ يُعطي جِيادَهُ
بِأَرسانِهِنَّ وَالحِسانَ الغَوالِيا
وَأَينَ الَّذينَ كانَ يُعطيهِمُ القُرى
بِغَلّاتِهِنَّ  وَالمِئينَ  الغَوادِيا
وَأَينَ الَّذينَ يَحضُرونَ جِفانَهُ
إِذا قُدِّمَت أَلقَوا عَلَيها المَراسِيا
رَأَيتُهُمُ لَم يُشرِكوا بِنُفوسِهِم
مَنِيَّتَهُ  لَمّا  رَأَوا  أَنَّها  هِيا
خَلا أَنَّ حَيّاً مِن رَواحَةَ حافَظوا
وَكانوا أُناساً يَتَّقونَ المَخازِيا
فَساروا لَهُ حَتّى أَناخوا بِبابِهِ
كِرامَ المَطايا وَالهِجانَ المَتالِيا
فَقالَ لَهُم خَيراً وَأَثنى عَلَيهِمُ
وَوَدَّعَهُم وَداعَ أَن لا تَلاقِيا
وَأَجمَعَ أَمراً كانَ  ما  بَعدَهُ  لَهُ
وَكانَ إِذا ما اِخلَولَجَ الأَمرُ ماضِيا

الجمعة، مايو 06، 2011

المجموعة (31)


المجموعة (31)

1 - قال ابو الاسود الدؤلى :

بِعني نُسَيبُ وَلا تَهَب لي إِنَّني

لا أَستَثيبُ وَلا أُثيبُ الواهِبا

إِنَّ العَطيَّةَ خَيرُ ما وَجَّهتَها

وَحَسِبتَها حَمداً وَأَجراً واجِبا

وَمِنَ العَطيَّةِ ما يَعودُ غَرامَةً

وَمَلامَةً تَبقى وَمَنّاً كاذِبا

وَبَلوتُ أَخلاقَ الرِجالِ وَفِعلَهُم

فَشَبِعتُ عِلماً مِنهُمُ وَتَجارِبا

فَأَخَذتُ مِنها ما رَضيتُ بِأَخذِهِ

وَتَرَكتُ أَكثَرَ ما هُنالِكَ جانِبا

فَإِذا وَعَدتُ الوَعدَ كُنتُ كَغارِمٍ

دَيناً أَقَرَّ بِهِ وَأَحضَرَ كاتِبا

حَتّى أُنَفِّذَهُ كَما وَجَّهتُهُ

وَكَفى عَليَّ لَهُ بِنَفسي طالِبا

وَإِذا فَعَلتُ فَعَلتُ غَيرَ مُحاسَبٍ

وَكَفى بِرَبِّكَ جازياً وَمُحاسِبا

وَإِذا مَنَعتُ مَنَعتُ مَنعاً بَيِّناً

وَأَرَحتُ مِن طولِ العَناءِ الراغِبا

لا أَشتَري الحَمدَ القَليلَ بَقاؤُهُ

يَوماً بِذَمِّ الدَهرِ أَجمَعَ واصِبا

2 - قال ابو الاسود الدؤلى :

العَيشُ لا عَيشَ إِلّا ما اِقتَصَدتَ فَإِن

تُسرِف وتبذر لَقيتَ الضُرَّ وَالعَطبا

العِلمُ زَينٌ وَتَشريفٌ لِصاحِبِهِ

فاِطلُب هُديتَ فنونَ العِلمِ وَالأَدَبا

لا خَيرَ فيمَن لَهُ أَصلٌ بِلا أَدَبٍ

حَتّى يَكونَ عَلى ما زانَهُ حَدِبا

كَم مِن حَسيبٍ أَخي عَيٍّ وَطَمطَمَةٍ

فَدمٍ لَدى القَومِ مَعروقٍ إِذا اِنتَسَبا

في بَيتِ مَكرُمَةٍ آباؤهُ نُجُبٌ

كانوا رؤوساً فَأَمسى بَعدهُم ذَنَبا

وَخامِلٍ مُقرِفِ الآباءِ ذي أَدَبٍ

نالَ المَعاليَ بِالآدابِ وَالرُتَبا

أَضحى عَزيزاً عَظيمَ الشأَنِ مُشتَهِراً

في خَدِّهِ صَعَرٌ قَد ظَلَّ مُحتَجِبا

العِلمُ كَنزٌ وَذُخرٌ لا نَفادَ لَهُ

نِعمَ القَرينُ إِذا ما صاحَبَ صُحبا

قَد يَجمَعُ المَرءُ مالاً ثُمَّ يُسلَبُهُ

عَمّا قَليلٍ فَيَلقى الذُلَّ وَالحَرَبا

وَجامِعُ العِلمِ مَغبوطٌ بِهِ أَبَداً

وَلا يُحاذِر مِنهُ الفَوتَ وَالسَلبا

يا جامِعَ العِلمِ نِعمَ الذخرُ تَجمَعُهُ

لا تَعدِلَنَّ بِهِ دُرّاً وَلا ذَهَبا

3 - قال ابو الاسود الدؤلى :

مَن ذا الَّذي بِإِخائِهِ وَبِوُدِّهِ

مِن بَعدِ وُدِّكَ أَو إِخائِكَ أَفرَحُ

لَمّا يَقول الكاشِحونَ لَنا غَداً

وَعيونُهُم نَحوي وَنَحوَكَ تلمَحُ

قَد رابَهُم مِن بَعدِ حُسنِ تَواصُلٍ

مِنّا مُباعدَةٌ وَبَينٌ مُفصِحُ

أَمُريهِم ما يَشتَهونَ وَفاعِلٌ

مِن ذاكَ ما يُثنى وَما يُستَقبَحُ

أَم مُمسِكٌ بِوصالِ خِلٍّ ناصِحٍ

مَحض الأُخوَّة مِثلُهُ لا يُطرَحُ

أَيّاً فَعَلتَ فَلا تَزالُ مُقيمَةً

في الصَدرِ مِنكَ مُوَدَّةٌ لا تَبرَحُ

4 - قال ابو الاسود الدؤلى :

لا تُشعِرَنَّ النَفسَ يَأساً فَإِنَّما

يَعيشُ بِجَدٍّ حازِمٌ وَبَليدُ

وَلا تَطمَعَن في مالِ جارٍ لِقُربِهِ

فَكُلُّ قَريبٍ لا يُنالُ بَعيدُ

وَفَوِّض إِلى اللَهِ الأُمورَ فَإِنَّما

تَروحُ بِأَرزاقٍ عَلَيكِ جُدودُ

5 - قال ابو الاسود الدؤلى :

وَلائِمَةٍ لامَتكَ يا فَيضُ في النَدى

فَقُلتُ لَها هَل يَقدَحُ اللَومُ في البَحرِ

أَرادَت لِتَثني الفَيضَ عَن عادَةِ النَدى

وَمَن ذا الَّذي يَثني السَحابَ عَن القطرِ

6 - قال ابو الاسود الدؤلى :

تَعَوَّدتُ مَسَّ الضَرِّ حَتّى أَلِفتُهُ

وَأَسلَمَني طولُ البَلاءِ إِلى الصَبرِ

وَوَسَّع صَدري لِلأَذى كَثرَةُ الأَذى

وَكانَ قَديماً قَد يَضيقُ بِهِ صَدري

إِذا أَنا لَم أَقبَل مِنَ الدَهرِ كُلَّ ما

أُلاقيهِ مِنهُ طالَ عَتَبي عَلى الدَهرِ

7 - قال ابو الاسود الدؤلى :

كَساني وَلَم استَكسِهِ فَحَمَدتُهُ

أَخٌ لَكَ يُعطيكَ الجَزيلَ وَناصِرُ

وَأَنَّ أَحَقَّ الناسِ إِن كُنتَ حامِداً

بِحَمدِكَ مَن أَعطاكَ وَالوَجهُ وافِرُ

8 - قال ابو الاسود الدؤلى :

كَيفَ بِصاحِبٍ إِن أَدنُ مِنهُ

يَزِدني في مُباعَدَةٍ ذِراعا

وَإِن أَمدُد لَهُ في الوَصلِ ذَرعي

يَزِدني فَوقَ قيسِ الذَرعِ باعا

أَبَت نَفسي لَهُ إِلّا وِصالاً

وَتَأبى نَفسُهُ إِلّا اِنقِطاعا

كِلانا جاهِدٌ أَدنو وَينأى

كَذَلِكَ ما اِستَطَعتُ وَما اِستَطاعا

9 - قال ابو الاسود الدؤلى :

إِذا ضاقَ صَدرُ المَرءِ عَن سِرَّ نَفسِهِ

فَفاضَ فَفي صَدري لَسِرِّيَ مُتَّسَع

إِذا فاتَ شَيءٌ فَاصطَبِر لِذهابِهِ

وَلا تَتبَعَنَّ الشيءَ إِن فاتَكَ الجَزَع

فَفي اليأسِ عَمّا فاتَ عِزٌّ وَراحَةٌ

وَفيهِ الغِنى والفَقرُ يا ضافيَ الطَمَع

إِذا صاحِبا وَصلٍ بِحَبلٍ تَجاذَبا

فَمُلَّ قُواهُ أُوهِنَ الحَبلُ فَانقَطَع

وَلا تَحفِرَن بِئراً تُريدُ أَخاً بِها

فَإِنَّكَ فيها أَنتَ مِن دونِهِ تَقَع

وَكُلُّ امرىءٍ يَبغي عَلى الناسِ ظالِماً

تُصِبهُ عَلى رَغمٍ عواقِبُ ما صَنَع

10 - قال ابو الاسود الدؤلى :

أَحبِب إِذا أَحبَبتَ حُبّاً مُقارِباً

فَإِنَّكَ لا تَدري مَتى أَنتَ نازِعُ

وَأَبغِض إِذا أَبغَضتَ بُغضاً مُقارِباً

فَإِنَّكَ لا تَدري مَتى أَنتَ راجِعُ

وَكُن مَعدَناً لِلحِلمِ واصفَح عَنِ الأَذى

فَإِنَّكَ راءٍ ما عَمِلتَ وَسامِعُ

11 - قال ابو الاسود الدؤلى :

لُكُلِ اِمرىءٍ شَكلٌ مِنَ الناسِ مِثلُهُ

وَكُلُّ امرىءٍ يَهوى إِلى مَن يُشاكِلُه

وَمالَكَ بُدٌّ مِن نَزيلٍ فَلا تَكُن

نَزيلاً لِمَن يَسعى بِهِ مَن يُنازِلُه

وَإِن أَنتَ نازَلتَ الكَريمَ فَلاقِهِ

بِما أَنتَ مِن أَهلِ المُروءَةِ قائِلُه

وَإِن أَنتَ نازَلتَ اللَئيمَ فَكُن فَتىً

تُزايِلُهُ في فِعلِهِ وَتُحامِلُه

إِذا لَم تُداخِل عِزَّ مَن كانَ ذا حِجىً

وَعَزمٍ وَحَزمٍ لَم تَجِد مَن تُداخِلُه


السبت، يناير 01، 2011

يا مَن يَعِزُّ :ابن ابى الخصال


يا مَن يَعِزُّ :ابن ابى الخصال

يا مَن يَعِزُّ على النُّجومِ نظامُهُ

حَسَداً فَيفدِي الحاسِدُ المحسودا

رُعتَ الكواكَبَ بالكواكبِ زِينَةً

وهدايَةً وإنارَةً وسُعودا

يَهنيكَ ميراثُ الزَّمانِ فإنَّهُ

ببقائِهِ تَرِثُ الزَّمانَ خُلودا

أَم أنهَبَتكَ بهِ العَذارى حُسنَها

فجلوتَهُ للناظرينَ خُدودا

أمَ كُنتَ تعلَمُ سَلوَتي فبعثتَهُ

سَكَناً لأَيّام الغَرام مُعيدا

أَم كانَ عندك أنّ عِندِيَ غُلَّةً

فَرفَفتَ منهُ ألى الوُرودِ برودا

أم شئت تشريفاً لعُمري بَعدَهُ

فجعلتَهُ والفضلَ ينشأُ عِيدا

مَن لي بتكليفِ الشَّريف فإنَّني

كُلّفتُ شأواً في القَريضِ بَعيدا

من بعد ما أَعفَيتُ منهُ خَواطري

وركِبتُ من فكري إليهِ قعودا

ونشَرتُ من أُصُلِ المشيب عَمائِماً

وَطَوَيتُ من بُكَرِ الشبابِ بُرودا

مَن ذا يُساجِلُه تليدَ بَلاغَةٍ

خيرُ البَلاغةِ ما يكونُ تَليدا

ريَّانُ من ماءِ البَيانِ يَمُجُّهُ

والعُربُ قد جَفَّت وحَفَّتِ عُودا

نَظَمَ الخلافَةَ في طريقِ بيانِهِ

سَرداً كما نَظَمَ الحِسَانُ فَريدا

واستلَّ فيه كُلَّ ماضٍ لَهذَمٍ

ما ضَرَّه أَلَّا يكونَ حَديدا

مِن كلِّ مَن يَغنَى بَغربِ لِسانِهِ

عَنِ غَربِ كُلِّ مهنَّدٍ تَجريدا

قومٌ لهم فَصلُ الخِطابِ وحِكمةٌ

نيطت عَلى نَحرِ الزَّمانِ عُقودا

مُثرٍ منَ الأَملاكِ فَخراً إن يَشَأ

ضَاهي بهم شُهبَ السَّماء عَديدا

نَسَبٌ كأنَّ عليهِ مِن شمس الضُّحى

نوراً ومن فَلَقِ الصَّباحِ عَمُودا

يا مَن سَقاني من سلافَه نَثرِهِ

صِرفاً وغَنَّى شِعرُهُ تَغريدا

واستلَّ لي عَهدَ الرَّبيعِ فشِمتُهُ

في طِرسِهِ غضَّ الفِرَندِ جَديدا

ما شئتَ من معنىً صقيلٍ نورُه

قد أُلبسَ التَّذهيبَ وَالتَّجسيدا

ينشقُّ عنه الحِبرُ نُوراً ساطعاً

كالنَّجمَ أَتلَعَ في الدُّجُنَّة جيدا

عَلِقَ الفَؤادُ بهِ كأنَّ مِدادَهُ

أَمسى بمحض سَوادِهِ مَمدودا

وكأَنَّما الخِيلانُ كانَت ذَوبَهُ

أو نازَعَ الحَلَمَ العَذارى الغيدا

أو جَرَّ فيه المسكُ فضلَ ذُؤابَةٍ

تَرَكت بأسطُرِهِ رُسوماً سُودا