معلقة النابغة الذبياني

 معلقة النابغة الذبياني

**************
1- يَـا دَارَ مَيَّـةَ بالعَليْـاءِ ، فالسَّنَـدِ

أَقْوَتْ ، وطَالَ عَلَيهَا سَالِـفُ الأَبَـدِ

2- وقَفـتُ فِيـهَا أُصَيلانـاً أُسائِلُهـا

عَيَّتْ جَوَاباً ، ومَا بالرَّبـعِ مِنْ أَحَـدِ

3- إلاَّ الأَوَارِيَّ لأْيـاً مَـا أُبَـيِّـنُـهَا

والنُّؤي كَالحَوْضِ بالمَظلومـةِ الجَلَـدِ

4- رَدَّتْ عَليَـهِ أقَـاصِيـهِ ، ولـبّـدَهُ

ضَرْبُ الوَلِيدَةِ بالمِسحَـاةِ فِي الثَّـأَدِ

5- خَلَّتْ سَبِيـلَ أَتِـيٍّ كَـانَ يَحْبِسُـهُ

ورفَّعَتْهُ إلـى السَّجْفَيـنِ ، فالنَّضَـدِ

6- أضحت خَلاءً ، وأَضحى أَهلُهَا احْتَمَلُوا

أَخْنَى عَليهَا الَّذِي أَخْنَـى عَلَى لُبَـدِ

7- فَعَدِّ عَمَّا تَرَى ، إِذْ لاَ ارتِجَـاعَ لَـهُ

وانْـمِ القُتُـودَ عَلَى عَيْرانَـةٍ أُجُـدِ

8- مَقذوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحـضِ ، بَازِلُهَـا

لَهُ صَريفٌ ، صَريفُ القَعْـوِ بالمَسَـدِ

9- كَأَنَّ رَحْلِي ، وَقَدْ زَالَ النَّـهَارُ بِنَـا

يَومَ الجليلِ ، عَلَى مُستأنِـسٍ وحِـدِ

10- مِنْ وَحشِ وَجْرَةَ ، مَوْشِيٍّ أَكَارِعُـهُ

طَاوي المَصِيرِ ، كَسَيفِ الصَّيقل الفَرَد

11- فَارتَاعَ مِنْ صَوتِ كَلاَّبٍ ، فَبَاتَ لَـه

طَوعَ الشَّوَامتِ مِنْ خَوفٍ ومِنْ صَرَدِ

12- سَرتْ عَلَيهِ ، مِنَ الجَـوزَاءِ ، سَارِيَـةٌ

تُزجِي الشَّمَالُ عَلَيـهِ جَامِـدَ البَـرَدُِ

13- فبَـثّـهُـنَّ عَلَيـهِ ، واستَمَـرَّ بِـهِ

صُمْعُ الكُعُوبِ بَرِيئَـاتٌ مِنَ الحَـرَدِ

14- وكَانَ ضُمْرانُ مِنـهُ حَيـثُ يُوزِعُـهُ

طَعْنَ المُعارِكِ عِندَ المُحْجَـرِ النَّجُـدِ

15- شَكَّ الفَريصةَ بالمِـدْرَى ، فَأنفَذَهَـا

طَعْنَ المُبَيطِرِ ، إِذْ يَشفِي مِنَ العَضَـدِ

16- كَأَنَّه ، خَارجَا مِنْ جَنـبِ صَفْحَتِـهِ

سَفّودُ شَرْبٍ نَسُـوهُ عِنـدَ مُفْتَـأَدِ

17- فَظَلّ يَعْجُمُ أَعلَى الـرَّوْقِ ، مُنقبضـاً

فِي حالِكِ اللّونِ صَدْقٍ ، غَيرِ ذِي أَوَدِ

18- لَمَّا رَأَى واشِـقٌ إِقعَـاصَ صَاحِبِـهِ

وَلاَ سَبِيلَ إلـى عَقْـلٍ ، وَلاَ قَـوَدِ

19- قَالَتْ لَهُ النَّفسُ : إنِّي لاَ أَرَى طَمَـعاً

وإنَّ مَولاكَ لَمْ يَسلَـمْ ، ولَمْ يَصِـدِ

20- فَتِلكَ تُبْلِغُنِي النُّعمَانَ ، إنَّ لهُ فَضـلاً

عَلَى النَّاس فِي الأَدنَى ، وفِي البَعَـدِ

21- وَلاَ أَرَى فَاعِلاً ، فِي النَّاسِ ، يُشبِهُـهُ

وَلاَ أُحَاشِي ، مِنَ الأَقوَامِ ، مِنْ أحَـدِ

22- إلاَّ سُليـمَانَ ، إِذْ قَـالَ الإلـهُ لَـهُ

قُمْ فِي البَرِيَّة ، فَاحْدُدْهَـا عَنِ الفَنَـدِ

23- وخيّسِ الجِنّ ! إنِّي قَدْ أَذِنْـتُ لَهـمْ

يَبْنُـونَ تَدْمُـرَ بالصُّفّـاحِ والعَمَـدِ

24- فَمَـن أَطَاعَـكَ ، فانْفَعْـهُ بِطَاعَتِـهِ

كَمَا أَطَاعَكَ ، وادلُلْـهُ عَلَى الرَّشَـدِ

25- وَمَـنْ عَصَـاكَ ، فَعَاقِبْـهُ مُعَاقَبَـةً

تَنهَى الظَّلومَ ، وَلاَ تَقعُدْ عَلَى ضَمَـدِ

26- إلاَّ لِمثْـلكَ ، أَوْ مَنْ أَنـتَ سَابِقُـهُ

سَبْقَ الجَوَادِ ، إِذَا استَولَى عَلَى الأَمَـدِ

27- أَعطَـى لِفَارِهَـةٍ ، حُلـوٍ تَوابِعُـهَا

مِنَ المَواهِـبِ لاَ تُعْطَـى عَلَى نَكَـدِ

28- الوَاهِـبُ المَائَـةِ المَعْكَـاءِ ، زَيَّنَـهَا

سَعدَانُ تُوضِـحَ فِي أَوبَارِهَـا اللِّبَـدِ

29- والرَّاكِضاتِ ذُيـولَ الرّيْطِ ، فانَقَـهَا

بَرْدُ الهَوَاجـرِ ، كالغِـزْلاَنِ بالجَـرَدِ

30- والخَيلَ تَمزَعُ غَرباً فِي أعِنَّتهَا كالطَّيـرِ

تَنجـو مِـنْ الشّؤبـوبِ ذِي البَـرَد

31- والأُدمَ قَدْ خُيِّسَـتْ فُتـلاً مَرافِقُـهَا 

مَشْـدُودَةً بِرِحَـالِ الحِيـرةِ الجُـدُدِ

32- احكُمْ كَحُكمِ فَتاةِ الحَيِّ ، إِذْ نظـرَتْ

إلـى حَمَامِ شِـرَاعٍ ، وَارِدِ الثَّمَـدِ

33- يَحُفّـهُ جَـانِبـا نِيـقٍ ، وتُتْبِعُـهُ

مِثلَ الزُّجَاجَةِ ، لَمْ تُكحَلْ مِنَ الرَّمَـدِ

34- قَالَتْ : أَلاَ لَيْتَمَا هَـذا الحَمَـامُ لَنَـا

إلـى حَمَـامَتِنَـا ونِصفُـهُ ، فَقَـدِ

35- فَحَسَّبوهُ ، فألفُـوهُ ، كَمَا حَسَبَـتْ

تِسعاً وتِسعِينَ لَمْ تَنقُـصْ ولَمْ تَـزِدِ

36- فَكَمَّلَـتْ مَائَـةً فِيـهَا حَمَامَتُـهَا

وأَسْرَعَتْ حِسْبَةً فِـي ذَلكَ العَـدَدِ

37- فَلا لَعمرُ الَّذِي مَسَّحتُ كَعْبَتَهُ

  وما هُرِيقَ ، عَلَى الأَنصَابِ ، مِنْ جَسَـدِ  

38- والمؤمنِ العَائِذَاتِ الطَّيرَ ، تَمسَحُـهَا

رُكبَانُ مَكَّةَ بَيـنَ الغَيْـلِ والسَّعَـدِ

39- مَا إن اتيت بسيّءٍ انت تكرهه

إِذاً فَلاَ رفَعَتْ سَوطِـي إلَـيَّ يَـدِ

40- إلاَّ مَقَـالَـةَ أَقـوَامٍ شَقِيـتُ بِهَـا

كَانَتْ مقَالَتُهُـمْ قَرْعـاً عَلَى الكَبِـدِ

41- إِذاً فعَـاقَبَنِـي رَبِّـي مُعَـاقَـبَـةً

قَرَّتْ بِهَا عَيـنُ مَنْ يَأتِيـكَ بالحسـد

 42- هذا لأبرأَ مِنْ قَوْلٍ قُذِفْتُ بِهِ

طَارَتْ  نَوافِذُهُ  حَرًّا  على كَبِدي

43- أُنْبِئْـتُ أنَّ أبَـا قَابُـوسَ أوْعَدَنِـي

وَلاَ قَـرَارَ عَلَـى زَأرٍ مِـنَ الأسَـدِ

44- مَهْلاً ، فِـدَاءٌ لَك الأَقـوَامُ كُلّهُـمُ

وَمَا أُثَمّـرُ مِنْ مَـالٍ ومِـنْ وَلَـدِ

45- لاَ تَقْذِفَنّـي بُركْـنٍ لاَ كِفَـاءَ لَـهُ

وإنْ تأثّـفَـكَ الأَعـدَاءُ بالـرِّفَـدِ

46- فَمَا الفُراتُ إِذَا هَـبَّ الرِّيَـاحُ لَـهُ

تَرمِـي أواذيُّـهُ العِبْرَيـنِ بالـزَّبَـدِ

47- يَمُـدّهُ كُـلُّ وَادٍ مُتْـرَعٍ ، لجِـبٍ

فِيهِ رِكَـامٌ مِنَ اليِنبـوتِ والخَضَـدِ

48- يَظَلُّ مِنْ خَوفِـهِ ، المَلاَّحُ مُعتَصِـماً

بالخَيزُرانَة ، بَعْـدَ الأيـنِ والنَّجَـدِ

49- يَوماً ، بأجـوَدَ مِنـهُ سَيْـبَ نافِلَـةٍ

وَلاَ يَحُولُ عَطـاءُ اليَـومِ دُونَ غَـدِ

50- هَذَا الثَّنَـاءُ ، فَإِنْ تَسمَعْ بِـهِ حَسَنـاً

فَلَمْ أُعرِّضْ ، أَبَيتَ اللَّعنَ ، بالصَّفَـدِ

51- هَا إنَّ ذِي عِذرَةٌ إلاَّ تَكُـنْ نَفَعَـتْ

فَـإِنَّ صَاحِبَـها مُشَـارِكُ النَّكَـدِ

****************************

تحميل مجانى :
http://www.ziddu.com/download/5145604/ديوان النابغة الزبيانى.pdf.html