الأربعاء، مايو 20، 2009

قصيدة اضحى التنائى لابن زيدون


قصيدة اضحى التنائى
لابن زيدون
*****

1- أضْحى التَّنائي بديلاً من تَدانينا،
        
ونابَ عن طيبِ لُقْيانا تَجافينا

2- ألا! وقدْ حانَ صُبْحِ البَيْنِ صَبَّحَنا
       
حَيْنٌ، فقامَ   بِنا لِلحَيْنِ  ناعينا

3- مَن مُبْلِغُ المُلْبِسينا، بانْتِزاحِهِمُ
     
حُزْناً، مع الدّهْرِ لا يَبْلى ويُبْلينا

4- أَنَّ الزّمانَ الذي مازالَ يُضْحِكُنا،
      
أُنْساً بِقُرْبِهِمُ، قد  عادَ   يُبْكينا

5- غِيظَ العِدا مِن تَساقينا الهوى فَدَعَوا
        
بأَنْ نَغَصَّ، فقال الدّهرُ آمينا

6- فانْحَلَّ ما كان مَعْقوداً بأنفسِنا،
     
وانْبَتَّ ما كان مَوْصولاً بأيْدينا

7- وقدْ نَكونُ، وما يُخْشى تَفَرُّقُنا،
    
فاليَومَ نحنُ، وما يُرْجى تَلاقينا

8- يا ليت شِعْري، ولم نُعْتِبْ أعادِيَكُمْ،
   
هل نالَ حظّاً من العُتْبى أَعَادينا

9- لم نَعْتَقِدْ بَعْدَكُم إلاّ الوفاءَ لَكمْ
   
رَأْياً،  ولم  نَتَقَلَّدْ  غيرَهُ    دِينا

10- ما حَقُّنا أن تُقِرُّوا عينَ ذي حَسَدٍ
      
بِنا، ولا أن تُسِرُّوا كاشِحاً فينا

11- كُنّا نَرى اليأسَ تُسْلينا عَوارِضُهُ،
        
وقد يئِسْنا فما لليأسِ يُغْرينا

12- بنْتُمْ وبِنّا، فما ابْتَلَّتْ جَوانِحُنا
        
شوقاً إلَيْكُمْ، ولا جَفَّتْ مآقينا

13- نَكادُ حينَ تُناجيكُمْ ضَمائرُنا،
      
يَقْضي علينا الأسى لولا تَأَسِّينا

14- حالَتْ لِفَقْدِكُمُ أيّامنا، فغَدَتْ
      
سوداً، وكانت بكمْ بِيضاً ليالينا

15- إذ جانِبُ العَيشِ طَلْقٌ من تَألُّفِنا،
ومَرْبَعُ اللَّهْوِ صافٍ مِن تَصافِينا

16- وإذ هَصَرْنا فُنونَ الوَصْلِ دانِيَةً
   
قِطافُها،   فَجَنَيْنا   منهُ ما شِينا

17- ليُسْقَ عَهْدُكُمُ عَهْدُ السُّرورِ فما
   
كُنْتُمْ   لأَرْواحِنا  إلاّ    رَياحينا

18- لا تَحْسَبوا نَأْيَكُمْ عَنَّا يُغَيِّرُنا،
       
أنْ طالما غَيَّرَ النَّأْيُ المُحِبِّينا!

19- واللهِ ما طَلَبَتْ أَهْواؤنا بَدَلاً
    
مِنْكُمْ، ولا انْصَرَفَتْ عَنْكُمْ أمانينا

20- يا سارِيَ البَرْقِ غادِ القَصْرَ واسْقِ بِهِ
   
مَن كان صِرْفَ الهوى والوُدِّ يَسْقينا

21- واسْألْ هُنالِكَ: هَلْ عَنّى تَذَكُّرُنا
       
إلْفاً،   تَذَكُّرُهُ   أمسى   يُعَنِّينا

22- ويا نَسيمَ الصَّبا بَلِّغْ تَحِيَّتَنا
      
من لو على البُعْدِ حَيَّا كان يُحْيينا

23- فهل أرى الدّهرَ يَقْضينا مُساعَفَةً
       
مِنْهُ، وإنْ لم يَكُنْ غِبّاً تَقَاضِينا

24- رَبِيْبُ مُلْكٍ كأَنَّ اللهَ أنْشأَهُ
     
مِسْكاً، وقدَّرَ إنْشاءَ الوَرَى طِينا

25- أو صاغَهُ وَرِقاً مَحْضاً، وتَوَّجَهُ
      
مِن ناصِعِ التِّبْرِ إبْداعاً وتَحْسينا

26- إذا    تَأَوَّدَ    آدَتْهُ،   رَفاهِيَةً،
         
تُومُ العُقودِ، وأَدْمَتْهُ البُرَى لينا

27- كانتْ لهُ الشّمسُ ظِئْراً في أَكِلَّتِهِ،
             
بلْ ما تَجَلَّى لها  إلا أَحايِينا

28- كأنّما أُثْبِتَتْ، في صَحْنِ وَجْنَتِهِ،
         
زُهْرُ الكواكِبِ تَعْويذاً وتَزْيِينا

29- ما ضَرَّ أن لم تَكُنْ أكْفاءَهُ شَرَفا،ً
          
وفي المَوَدَّةِ كافٍ من تَكافينا؟

30- يا رَوْضَةً طالما أَجْنَتْ لواحِظَنا
    
وَرْداً، جَلاهُ الصِّبا غَضّاً، ونِسْرينا

31- ويا حَياةً    تَمَلَّيْنا،    بزَهْرَتِها،
      
مُنىً   ضُروباً،   ولذّاتٍ   أَفَانِينا

32- ويا نَعيماً خَطَرْنا، مِن غَضارَتِهِ،
      
في وَشْيِ نُعْمى، سَحَبْنا ذَيْلَهُ حينا

33- لَسْنا نُسَمّيكَ   إجْلالاً  وتَكْرُمَةً،
       
وقَدْرُكَ المُعْتَلي عنْ   ذاكَ  يُغْنينا

34- إذا انْفَردْتَ وما شُورِكْتَ في صِفَةٍ
       
فَحَسْبُنا الوَصْفُ إيْضاحاً وتَبْيينا

35- يا جَنّةَ الخُلْدِ أُبْدِلْنا، بسِدْرَتها
      
والكَوْثَرِ العَذْبِ، زَقُّوماً وغِسْلينا

36- كأنّنا لم نَبِتْ، والوَصْلُ ثالِثُنا،
   
والسَّعْدُ قد غَضَّ مِن أَجْفانِ واشِينا

37- إن كان قد عَزَّ في الدّنيا اللّقاءُ بِكُمْ
    
في مَوقِفِ الحَشْرِ نَلْقاكُمْ   وتَلْقُونا

38- سِرَّانِ في الخاطِرِ الظَّلْماءِ يَكْتُمُنا،
    
حتى يَكادَ لِسانُ  الصّبْحِ   يُفْشينا

39- لا غَرْوَ في أنْ ذَكَرْنا الحُزْنَ حينَ نَهَتْ
    
عَنْهُ النُّهى، وتَرَكْنا الصَّبْرَ ناسينا

40- إنّا قَرَأْنا الأسى، يومَ النَّوى، سُوَراً
     
مكتوبَةً، وأَخَذْنا   الصَّبْرَ  تَلْقينا

41- أما  هَواكَ،   فَلَمْ   نَعْدِلْ   بِمَنْهَلِهِ
      
شُرْباً وإن  كانَ يُرْوينا  فَيُظْمينا

42- لم نَجْفُ أُفْقَ جَمالٍ أنتَ كوكَبُهُ
       
سَالِينَ عَنْهُ، ولم  نَهْجُرْهُ  قالينا

43- ولا اخْتِياراً تجنَّبْناهُ عن  كَثَبٍ،
        
لكن عَدَتْنا على  كُرْهٍ،  عَوَادينا

44- نَأْسى عَلَيْكَ إذا حُثَّتْ، مُشَعْشَعَةً
       
فينا   الشَّمولُ،  وغَنَّانا  مُغَنِّينا

45- لا أكْؤُسُ الرَّاحِ تُبْدي مِن شَمائلِنا
      
سيما ارتِياحٍ، ولا الأَوْتارُ تُلْهِينا

46- دُومي على العَهْدِ، ما دُمْنا، مُحافِظَةً
       
فالحُرُّ مَن دانَ إنصافاً كما دِينا

47- فما اسْتَعَضْنا خَليلاً مِنْكِ يَحْبِسُنا
       
ولا اسْتَفَدْنا  حَبيباً عنْكِ   يَثْنينا

48- ولو صَبا نَحْوَنا، مِن عُلْوِ مَطْلَعِهِ،
   
بَدْرُ الدُّجى لم يَكُنْ حاشاكِ يُصْبِينا

49- أبْكي وَفاءً، وإن لم تَبْذُلي صِلَةً،
    
فالطَّيْفُ  يُقْنِعُنا،   والذِّكْرُ   يَكْفينا

50- وفي الجَوابِ مَتاعٌ، إن شَفَعْتِ بِهِ
     
بِيضَ الأَيَادي، التي مازِلْتِ تُولِينا

51- عـليــْكِ مِنـّا سَــــلامُ اللهِ ما بَقِيَتْ
   
صَبابَةٌ  بــــــِكِ  نُخْفيـها،  فَتُخْفيـنا
********************************************
 تحميل مجانى :
  http://www.ziddu.com/download/5144275/ديوان بن زيدون.pdf.html


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق