يا مَن يَعِزُّ :ابن ابى الخصال
يا مَن يَعِزُّ على النُّجومِ نظامُهُ
حَسَداً فَيفدِي الحاسِدُ المحسودا
رُعتَ الكواكَبَ بالكواكبِ زِينَةً
وهدايَةً وإنارَةً وسُعودا
يَهنيكَ ميراثُ الزَّمانِ فإنَّهُ
ببقائِهِ تَرِثُ الزَّمانَ خُلودا
أَم أنهَبَتكَ بهِ العَذارى حُسنَها
فجلوتَهُ للناظرينَ خُدودا
أمَ كُنتَ تعلَمُ سَلوَتي فبعثتَهُ
سَكَناً لأَيّام الغَرام مُعيدا
أَم كانَ عندك أنّ عِندِيَ غُلَّةً
فَرفَفتَ منهُ ألى الوُرودِ برودا
أم شئت تشريفاً لعُمري بَعدَهُ
فجعلتَهُ والفضلَ ينشأُ عِيدا
مَن لي بتكليفِ الشَّريف فإنَّني
كُلّفتُ شأواً في القَريضِ بَعيدا
من بعد ما أَعفَيتُ منهُ خَواطري
وركِبتُ من فكري إليهِ قعودا
ونشَرتُ من أُصُلِ المشيب عَمائِماً
وَطَوَيتُ من بُكَرِ الشبابِ بُرودا
مَن ذا يُساجِلُه تليدَ بَلاغَةٍ
خيرُ البَلاغةِ ما يكونُ تَليدا
ريَّانُ من ماءِ البَيانِ يَمُجُّهُ
والعُربُ قد جَفَّت وحَفَّتِ عُودا
نَظَمَ الخلافَةَ في طريقِ بيانِهِ
سَرداً كما نَظَمَ الحِسَانُ فَريدا
واستلَّ فيه كُلَّ ماضٍ لَهذَمٍ
ما ضَرَّه أَلَّا يكونَ حَديدا
مِن كلِّ مَن يَغنَى بَغربِ لِسانِهِ
عَنِ غَربِ كُلِّ مهنَّدٍ تَجريدا
قومٌ لهم فَصلُ الخِطابِ وحِكمةٌ
نيطت عَلى نَحرِ الزَّمانِ عُقودا
مُثرٍ منَ الأَملاكِ فَخراً إن يَشَأ
ضَاهي بهم شُهبَ السَّماء عَديدا
نَسَبٌ كأنَّ عليهِ مِن شمس الضُّحى
نوراً ومن فَلَقِ الصَّباحِ عَمُودا
يا مَن سَقاني من سلافَه نَثرِهِ
صِرفاً وغَنَّى شِعرُهُ تَغريدا
واستلَّ لي عَهدَ الرَّبيعِ فشِمتُهُ
في طِرسِهِ غضَّ الفِرَندِ جَديدا
ما شئتَ من معنىً صقيلٍ نورُه
قد أُلبسَ التَّذهيبَ وَالتَّجسيدا
ينشقُّ عنه الحِبرُ نُوراً ساطعاً
كالنَّجمَ أَتلَعَ في الدُّجُنَّة جيدا
عَلِقَ الفَؤادُ بهِ كأنَّ مِدادَهُ
أَمسى بمحض سَوادِهِ مَمدودا
وكأَنَّما الخِيلانُ كانَت ذَوبَهُ
أو نازَعَ الحَلَمَ العَذارى الغيدا
أو جَرَّ فيه المسكُ فضلَ ذُؤابَةٍ
تَرَكت بأسطُرِهِ رُسوماً سُودا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق